استيقظ الشعب الامريكي صباح امس على تغيير من نوع اخر حين اصطفت سيارة سوداء امام البوابة الرئيسية للبيت الابيض في واشنطن D.C وليترجل منها رجل ذو ملامح سوداء في الاربعينيات من العمر يدعى "باراك اوباما".
دخل الرجل الى اروقة المبنى الاكثر اهمية في العالم ومنه الى الدهليز الخاص بمكتب رئيس الولايات المتحدة الامريكية وسط ترحيب موظفي البيت الابيض وحرس الرئاسة ، فاذا بالرجل يبلغهم انه اصبح رئيسا للولايات المتحدة الامريكية.
بهذا الفصل.... وهذا المشهد الاكثر اثارة على مستوى العالم انتهى عهد الجمهوريين لاربع سنوات قادمة على الاقل ، بعد اثني عشر عاما من حكم "البوشيين" الاب والابن والتي ذاق فيها العرب والمسلمون الامرين من الظلم ابتداء من احتلال العراق واحتلال افغانستان ومرورا بتأجيج الفتنة الطائفية في لبنان وما رافقها من التحرش العسكري بسوريا الشقيقة و ما بينهما من تأييد الغطرسة الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني الذي ذاق الامرين هو الاخر من حكم الجمهوريين.
اليوم يدخل اوباما كاول رئيس اسود الى البيت الابيض متسلحا بشعار "التغيير" ، لكن اللحظات التي عاشها العالم ليشهد هذا التغيير كانت مرهقة جدا خاصة ان هذه الانتخابات تحديدا تميزت عن غيرها من الانتخابات الماضيه واي انتخابات امريكية سابقة لاكثر من سبب اهمها لون المرشح الديمقراطي الاسود ، وثانيها دخول العرب والمسلمين لمراقبة سقوط الجمهوريين وكأن الانتخابات تعني بلد كل واحد منهم.
لكن الاهم من كل ذلك ان هذه الانتخابات كانت اختبارا حقيقيا للديمقراطية الامريكية ، فمن كان يصدق ان يعتلي سدة الرئاسة الامريكية رجل اسود من اصول افريقية كان والده مسلما متزوجا من امرأة بيضاء لينفصل عنها ويتفرغ لتربية نجله اوباما الذي فاجأ الجميع امس بانه اصبح رئيسا لاعظم دولة في العالم.
اعود واكرر ان امريكا نجحت في اختبار الديمقراطية ، لاننا كنا نعتقد بان الجنس المنحدر من اللون الساكسوني الناصع البياض وما يرافقهم من اباطرة المال البيض لن يسمحوا لرجل اسود امضى حياته هو وعائلته في الاضطهاد منذ ثورة "مارتن لوثر كينغ" سيصبح اليوم قائدا لهؤلاء الساكسون الذين اثقلوا كرسي الرئاسة الامريكية بثقل عز نظيره من الديون والضرائب المتزايدة على الناخب الامريكي ومن الكراهية المتنامية التي اضحى يكنها العرب والمسلمون للامريكان والتي ترجمت على ارض الواقع باحداث دامية شهدتها عديد من السفارات الامريكية في الخارج.
هذا اليوم... دعونا كعرب نفتح صفحة جديدة مع امريكا والشعب الامريكي مؤمنين الى حد ما بشعار التغيير الذي طرحه باراك اوباما ، فليس من المنطق ان نحمل السلم بالعرض ونلعن "سنسفيل" امريكا ونحن نشهد تغييرا بالشعارات قد يتحول الى حقيقة.
باراك اوباما قال في خطابه الاخير قبل اعلان فوزه "اذا كان هناك اي شخص ما زال لديه شكوك ان امريكا بلد حيث يمكن لكل الاشياء ان تحدث ، او ما زال يتعجب ما اذا كان حلم مؤسسينا ما زال حيا في الوقت الراهن.. او ما زالت لديه تساؤلات بشأن ديموقراطيتنا... الليلة هي الاجابة ... فكانت الاجابة".
الكلام واضح يدعو للتفاؤل لكننا سنبقى ننتظر النتائج لعل وعسى..
التاريخ : 06-11-2008
_________________