Daisy مشرف
عدد الرسائل : 1398 العمر : 47 تاريخ التسجيل : 12/10/2008
| موضوع: غسولات الفم .. بين الحقائق والأدعاءات الجمعة نوفمبر 04, 2011 7:12 pm | |
|
غسولات الفم .. بين الحقائق والأدعاءات
غسولات الفم .. إنها تنعش نفَس الإنسان، ولكن ما هي المهمات التي تنفذها؟ في نهاية عام 2010 حذرت وكالة الغذاء والدواء الأميركية «FDA» الشركات المنتجة لثلاثة أنواع من غسولات الفم، مطالبة إياها بضرورة التوقف عن الزعم بأن تلك المنتجات، التي تحتوي على الفلوريد كمادة رئيسية فيها، تحمي مستخدميها من أمراض اللثة، وتزيل الترسبات من الأسنان، وهي الترسبات التي توجد على شكل طبقة ملتصقة رقيقة وتتكون من البكتريا والمواد الأخرى في الأسنان، توجد فوق وتحت خط اللثة. كما طلب أحد القضاة الفيدراليين في الولايات المتحدة قبل عدة سنوات من شركة «فايزر» التي تنتج غسول الفم من ماركة «ليستيرين - Listerine» وقف حملة دعائية لها أشارت فيها إلى أن غسول الفم الشهير هذا كان فعالا بنفس فاعلية التنظيف خيط الأسنان (الخط السنّي) في درء تدهور حالة الأسنان واللثة. والحقيقة أن غسولات الفم تلعب دورا ضئيلا في درء حدوث الترسبات على الأسنان وأمراض اللثة، فتفريش الأسنان واستخدام الخيط السني أكثر أهمية منها بكثير. كما ألقى بعض الخبراء ظلال الشك حول الادعاء القائل إن غسول الفم أفضل من مصّ قرص النعناع، لتحسين رائحة النفس وإزالة رائحة الفم الكريهة «halitosis». تاريخ «مزوّق» لغسول الفم (mouthwash)، أو مضمضة الفم (mouthrinse) كما يفضل أطباء الأسنان تسميتها، تاريخ بعيد في القدم يمتد إلى آلاف السنين، إذ استعمل الإنسان مواد لمضمضة الفم من أوراق نبات التنبول (betel) المتسلق، أو من أحد التوابل المسمى الشبث (dill)، أو من المر المذاب في النبيذ الأبيض. وقد طور غسول الفم «ليستيرين» لأول مرة في نهاية القرن التاسع عشر بوصفه مادة جراحية معقمة (اشتق اسمه من اسم الدكتور جوزيف ليستر الجراح البريطاني الذي يرجع إليه الفضل في تطوير النظريات الحديثة عن العدوى)، إلا أنه أخذ يباع كمحلول لإزالة رائحة الفم الكريهة (وكذلك لتنظيف الأرضيات وكعلاج لقشرة الرأس)، في العشرينات من القرن الماضي. وأخذ منتجو غسول الفم في الثمانينات من القرن الماضي بالادعاء بأن منتجهم هذا يدرأ حدوث الترسبات (plaque) والتهاب اللثة، وذلك بعد أن أظهرت دراسات أجريت في الستينات من ذلك القرن بأن التهاب اللثة يظهر خلال أسابيع نتيجة انعدام نظافة الفم. وتتألف الكثير من غسول الفم من تركيبات صناعية تحتوي على مواد للتحلية (غسول الفم ماركة «سكوب - Scope» مثلا يحتوي على السكرين)، لإضفاء الطعم عليها، إضافة إلى مواد ملونة صناعية لإضفاء لون برّاق عليها لتمييز كل ماركة عن غيرها من الماركات التجارية أو لوضع فروق بين كل منتج وآخر من نفس الشركة المنتجة. وغالبا ما يدخل الكحول في تركيبة غسول الفم وذلك لأنه يحافظ على تركيبة مواده. غطاء أم فاعلية؟ غسولات الفم تجعل النفَس أطيب لبعض الوقت، إلا أن السؤال المطروح هو: هل هذا يحصل نتيجة قضاء المركبات الموجودة في الغسول على البكتريا (أي تلك «الجراثيم التي تتسبب في حدوث رائحة الفم الكريهة» كما يقول شعار ماركة «ليستيرين» الشهير)، أم نتيجة تأثير الروائح القوية على النفَس، ما يؤدي إلى تغطية المشكلة فقط، أي كما هو الحال عند مص قرص النعناع؟ ويقول بعض خبراء في رائحة الفم الكريهة إن غالبية البكتريا المسؤولة عن هذه المشكلة موجودة في منطقة صغيرة تقع في نهاية اللسان الخلفية، وإن استعمال فرشاة أسنان لتفريش تلك المنطقة له فاعلية أقوى من فاعلية المضمضة بغسول الفم. وتوجد أسباب أخرى إضافة إلى البكتريا في حدوث رائحة الفم الكريهة، مثل قلة إفراز اللعاب، وهي الحالة التي لا تؤثر غسول الفم عليها. ولكن ومن جهة أخرى فإن مراجعة للأبحاث المتوفرة أجريت عام 2008 توصلت إلى نتيجة مفادها أن اثنين من العوامل المضادة للبكتريا التي يشيع استخدامها في غسول الفم، وهما «كلوريد سيتيلبيريدينيوم - cetylpyridinium chloride» و«كلورهيكسيدين - chlorhexidine» قد يخفضان من أعداد البكتريا المسببة لرائحة الفم الكريهة، وأن العناصر الأخرى في غسول الفم (الزنك، ثاني أكسيد الكلور) قد تقوم بتحييد المركبات الكبريتية ذات الرائحة. ويدخل «كلوريد سيتيلبيريدينيوم» كمركب في ماركات «سكوب»، و«سيباكول - Cepacol»، والماركات الأخرى التي تحظى بالشعبية. وعلى العكس منها فإن غسولات الفم الحاوية على «كلورهيكسيدين» مثل «بيريدكس - Peridex» تباع بوصفة طبية فقط، وتستخدم بعد إجراء عملية جراحية في الفم. وهناك مشكلة في استخدام «كلورهيكسيدين» لأنه يتسبب في حدوث بقع بنية اللون في الأسنان واللثة. التهاب اللثة البكتريا هي التي تتسبب في حدوث التسوس في الأسنان وأمراض اللثة. ويشير الدكتور نديم كريمباكس الأستاذ المساعد في كلية طب الأسنان بجامعة هارفارد إلى أن أنواع البكتريا المسببة لحدوث الحفر في الأسنان أو لالتهاب اللثة يختلف بعضها عن بعض. وتقوم أكثر من عشرة أنواع من البكتريا المسببة لالتهاب اللثة بالتأثير على أنسجة اللثة مؤدية إلى التهابها، الأمر الذي يقود بدوره إلى تحلل تلك الأنسجة، إضافة إلى إلحاق الضرر بالعظام الحاملة للأسنان. وتختلف استجابات الجسم لتلك البكتريا بحيث يكون بعض الناس أكثر تعرضا من آخرين لحدوث التهاب اللثة، كما يقول كريمباكس. إلا أن الكثير من المصابين سيتعرضون لالتهاب اللثة حالما تراكمت الترسبات عليها وعلى الأسنان، ولذا فإن تفريش الأسنان وتنظيف ما بينها بالخيط السني هو أفضل الوسائل لإزالة تلك الترسبات، كما يقول. أما العناصر المضادة للبكتريا في غسول الفم فلها تأثير قليل. وقد وضعت جمعية الأسنان الأميركية «American Dental Association (ADA)» في منتصف ثمانينات القرن الماضي مجموعة من الإرشادات الخاصة بالتجارب السريرية التي تهدف إلى تقييم المواد الموجودة في تركيب غسول الفم الموجهة لمكافحة الترسبات والتهاب اللثة. إلا أن مواصفات عدد قليل من التجارب التي أجريت (والتي غالبا ما كانت تمول من قبل الشركات المنتجة) تواءمت مع مواصفات ومقاييس الجمعية. ولولا البقع البنية اللون التي تحدثها مادة «كلورهيكسودين» الموجودة في غسول الفم لكنا رأينا الكثير من أنواعها الجديدة، لأن هذه المادة هي من أكثر المواد المجربة فاعلية. وقد توصل مبتكرو الليستيرين في القرن التاسع عشر إلى منتجهم الجيد هذا، لأن أربعة أنواع من الزيوت الحيوية الموجودة في الليستيرين (زيت اليوكاليبتول «eucalyptol»، والمنثول «menthol»، وساليسيايت الميثيل «methyl salicylate»، والثايمول «thymol») أظهرت فاعليتها القوية أثناء التجارب السريرية عليها، حتى ورغم ادعاء شركة «فايزر» بأن الليسترين مماثل لعملية التنظيف بالخيط السني. وقد وضعت جمعية الأسنان الأميركية «ختم المصادقة» على الليستيرين بوصفه منتجا مكافحا للترسبات، لكن مراجعة أجريت قبل عدة أعوام وجدت دلائل على أن فاعلية مادة «كلوريد سيتيلبيريدينيوم»، متفاوتة. إن غسولات الفم التقليدية لا تدرأ حدوث الحفر في الأسنان، وهي لا تزعم ذلك فعلا. لذلك فإنه يجب إزالة البكتريا المسببة لتدهور الأسنان بوسائل ميكانيكية، وخصوصا بواسطة تفريش الأسنان. ومع هذا فإنه توجد الآن أنواع من غسول الفم الحاوية على الفلوريد، وقد حصل بعضها، مثل النوع المسمى «ACT Floride Rinse»، على إجازة وكالة الغذاء والدواء بوصفه مستحضرا مضادا لتسوس الأسنان.
المصدر : «كلية هارفارد الطبية»
_________________ | |
|