أن مرض البهاق ليست له أعراض أو مقدمات أو مضاعفات ، حيث أن المناطق المصابة تكون غير مؤلمة و لا يحس المريض بشيء غير طبيعي، ألا في بعض الحالات تكون هناك زيادة في الحساسية للضوء في بعض المناطق المصابة ، وتكون هذه البقع طبعا محاطة بهالة داكنة اللون، ويفسر زيادة لون حافة بقع البهاق بانتقال المادة الملونة من الجزء المصاب الى الحافة الخارجية . ويتغير لون الشعر في البقعة المصابة تدريجيا حتى يصير أبيض أو أشيب . وتكمن مشكلة البهاق في التشوه الذي يحدثه ويسببه وخصوصا إذا أصاب المناطق المكشوفة مثل الوجه أو اليدين و بالأخص إذا كان المصاب سيدة أو فتاة.
البهاق يعدي أو لا يعدي ؟
كثير من الناس في مجتمعنا لا يحب أن يصافح مريض البهاق خشية انتقال العدوى له، و إذا صافح بالصدفة مريضا بالبهاق هرع مرعوبا ومسرعا كي يغسل يديه عدة مرات، فهذا خطا جسيم كما ذكرنا سابقا حيث أنه يختلف تماما عن مرض البرص ( الجذام المعدي) المشابه له . كما سوف نتطرق إلى أسباب هذا المرض من أن الخلل يكمن في خلايا التلوين وليس نتيجة لأصابه بفطريات أو ميكروبات . والخطأ الأخر، إننا بتجنبنا ملامسة مريض البهاق فإننا بذلك نحسس هذا المريض من أنه منبوذ من المجتمع لأصابته بهذا المرض، مما يجعل هذا المريض يائسا من الحياة.
هل أسباب مرض البهاق مجهولة ؟
نعم ... لقد احتار الأطباء و العلماء في كيفية حدوث هذا المرض وطرق علاجه حتى هذا اليوم ، فليس هناك سبب محدد معروف لهذا المرض ، ولكن المتفق عليه أن الخلايا الموجودة بالجلد حاملة صبغة الميلانين تفقد هذه الصبغة كما تفقد القدرة على تكوينها.
وقد وضعت بعض النظريات لتفسير حدوث هذا المرض وهي :
1- النظرية العصبية Neurogenic theory: حيث وجد أن المرض قد يحدث نتيجة الصدمات العصبية والأزمات النفسية الحادة، فقد وجد بالبحث العلمي من أن كثير من مرضى البهاق من ذوي المزاج العصبي ، ومن الذين خانهم الحظ فلم تتحكم إرادتهم وقوة عزيمتهم في كبح جماح أعصابهم فكانت هذه علة سقيمة ونجم عن ذلك مرض البهاق العنيد.
2- نظرية الغدد الصماء Endocrinology theory : حيث يحدث البهاق بصورة أكثر من المتوقع في المرضى المصابين بفرط إفراز الغدة الدرقية ، وكذلك المرضى المصابين بداء السكري ، وأحيانا قليلة قد يترافق مرض البهاق مع فقر الدم ، واختلال وظائف الغدة الكظرية الموجودة فوق الكلية.
3- نظرية المناعة الذاتية Auto-immune theory : أجريت أبحاث معملية كثيرة و مكثفة خلال السنوات الثلاثين الماضية لهذا المرض، حيث تم عزل أجسام مضادة للميلانين (الصبغة التي تلون الجلد) من دم المرضى المصابين بالبهاق، فوجد أن جسم المريض المصاب يقوم بإنتاج أجسام مضادة في الدم، وتسبح هذه المضادات بالجسم فتهاجم خلايا التلوين الموجودة في الجلد و الشعر في مناطق معينة محدثة عطلا بهذه الخلايا، مما يؤدي الى ظهور الابيضاض المفاجئ في الجلد للشخص المصاب. وكذلك وجد بالبحث العلمي من أن المصابين بالبهاق يكونون أكثر عرضة للإصابة بأمراض أخرى تتميز بالمناعة الذاتية مثل مرض الثعلبة الذي يصيب شعر الإنسان. ولا تزال هذه النظرية هي الأكثر قبولا لدى العلماء في الوقت الحالي .
4- النظرية الوراثية Genetic theory : مما لاشك فيه أن عدة عوامل قد تجتمع وتحدث هذا المرض، من هذه العوامل كما ذكرنا العامل النفسي و الاختلال في وظائف الغدد الصماء، إلا أنه وجد من أن العامل الوراثي له كذلك دور في ظهور وإحداث المرض، فقد وجد في كثير من الدراسات التي أجريت على عدد كبير من مرضى مصابون بالبهاق من أن 40% من هؤلاء يوجد لديهم تاريخ عائلي بهذا المرض .
هل يوجد علاج .... ؟
إن علاج البهاق شاق وعسير ويستلزم الوقت الطويل وكذلك الصبر من المريض و الطبيب . ويجب توضيح نوعية هذا المرض للمصاب به وأن مرضه هذا غير ضار به و بصحته ولا بغيره، وأنه مرض لا يعدي و لا ينتقل الى الآخرين ، ويجب أن يشرح للمريض من أنه سيكون هناك بعض التشويه لمنظره، ويمكن بمتابعة العلاج تخفيف هذا التشوه الذي يحدثه مرض البهاق، وطبعا عندما يقتنع مريض البهاق بهذا فسوف تهدأ نفسه ويطمئن خاطره وفي هذه الحالة يمكن للمريض أن يساعد نفسه على سرعة التخلص من هذا المرض، أي أن علاج الحالة النفسية و العصبية للمريض من أهم مستلزمات العلاج .
وكثيرا ما نسمع من مرضى البهاق من انهم يمتنعون من تناول السمك مع الحليب أو اللبن أو البطيخ، حيث أن كثير من أصحابهم قد أشاروا عليهم بعدم تناول هذه الأطعمة وأنها تجعل المرض أكثر انتشارا، وطبعا هذا غير صحيح على الإطلاق، ولم يثبت علميا من أن أي أطعمة يمكن أن تسبب مرض البهاق .
يتكون علاج مرض البهاق من إعطاء المصاب أقراص الميلادينين المعروفة (أقراص خاصة تحتوي مادة نباتية تعرف باسم سورالين) Psoraline ، وبعد ذلك يتم التعرض لأشعة الشمس أو إلى موجات طويلة من الأشعة فوق البنفسجية، أو ما يعرف بالعلاج الضوئي للبهاق PUVA THERAPY ويستغرق هذا العلاج وقتا طويلا قبل أن يسترد الجلد شيئا من صبغته. ويرجع الفضل في اكتشاف هذا العقار لهذا المرض الى أستاذنا الكبير الأستاذ الدكتور أنور المفتي من جمهورية مصر العربية في عام 1958م. ويفيد استخدام فيتامين ب المركب و الفيتامينات و مهدئات الأعصاب و المقويات العامة في تحسن الحالة .
أن المسح بزيت البرجاموت ( زيت يستخرج من النباتات العطرية) بتركيز معين، ومن ثم التعرض لأشعة الشمس قد يعطى بعض التحسن في بعض الحالات. ويمكن لاستعمال مركبات الكورتيزون موضعيا أو عن طريق الحقن، أن توقف الانتشار السريع لهذا المرض. ويمكن للحالات التي لا تستجيب أو التي لا تتجاوب مع العلاج من إخفاء هذه البقع البيضاء الصغيرة بمواد التجميل، وهناك مستحضرات صنعت خصيصا لذلك ويمكن تحديد اللون المطلوب ومن اشهرها Covermark .
وقد توافرت أدوية كثيرة من شركات أدوية من أسبانيا ودول أوربية ادعت من أنها نجحت في إيجاد حل نهائي لعلاج حالات البهاق، فتهافت عليها الكثيرون من مرضى البهاق أملا في العلاج الشافي والحاسم، وللأسف فإن أغلب هذه الأدوية ماهي إلا العلاج الكيميائي الذي يستخدم للسرطانات (مضاد للسرطانات ومنظم لجهاز المناعة للإنسان ) وقد أعطى هذا العلاج 20% نسبة نجاح ، ولكن عند إيقاف هذه الأدوية ترجع الحالة الى ما كانت عليه ، أن لم يكن أكثر من ذلك