موقع ومنتدى الدكتور عبد الهادي الجريصي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


موقع ومنتدى الدكتور عبد الهادي الجريصي..موقع طبي واجتماعي حلقة الوصل بين الطبيب والمجتمع نلتقي لنرتقي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 راتب أيوب ... قصة قصيرة .

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
free sun
عضو ماسي
عضو ماسي
free sun


انثى
عدد الرسائل : 396
تاريخ التسجيل : 01/10/2008

راتب أيوب  ... قصة قصيرة . Empty
مُساهمةموضوع: راتب أيوب ... قصة قصيرة .   راتب أيوب  ... قصة قصيرة . Emptyالإثنين يوليو 12, 2010 5:44 am

راتب أيوب

راتب أيوب  ... قصة قصيرة . C414c84a7cc3ede211971e57aeda6123_w82_h103



كتابة :عبدالله الناصر
تسلّم (أيوب) راتبه، وركب سيارته، وتخيل أنه مسرور، وأن فرحاً بدأ يدب في داخله..! وكان في الطريق يتحسس الراتب في جيبه.. وحاول أن يوزعه توزيعاً عادلاً ودقيقاً، ومنطقياً أيضاً... حسب مصروف البيت، فصار يجمع، ويضرب، ويطرح.. فحذف أشياء كثيرة، لم تعد تحتمل... ثم مرّ على فاتورة الكهرباء والتي هدت جيبه، وكسرت ظهره بكثرة ارتفاعها. حتى كأن بيته تحول إلى مصنع للطائرات!! وقال عليّ أن أدفع راضياً أو كارهاً فبمجرد ان أحتج فسوف يهددونني بقطع التيار، ويتركونني أنا وأطفالي كفراخ دجاج داخل فرن..! ثم مرّ على فاتورة الماء والهاتف، واستحقاقات البنك.. ثم على مستحقات السائق، والشغالة فإذا بالراتب سيغطي خمسة عشر يوماً بالتمام، والكمال! فانتابته حسرة وألم... وفجأة رثى لعيني زوجته وهي تنظر إلى حقائب تحمل للسفر إلى لندن، وجنيف، وباريس، وكان، ثم صرف النظر عن التفكير وقال: إن السفر إلى كان، وما كان لن يحدث إلا بمعجزة من معجزات الزمان..! وفكّر جدياً وقال: ماذا لولا قدر الله هبط عليّ ضيف ثقيل.. أو أصيب أحد الأطفال.. أو مرض السائق، أو الشغالة..؟ ولكنه تفاءل وقال: هذه وساوس لا لزوم لها.. وسار في الطريق، وكان الجو جهنمياً لاهباً.. وإذا بدرجة حرارة سيارته ترتفع إلى النهاية فيرتفع معها ضغطه، وتتعالى أنفاسه، وتزداد دقات قلبه وهو يقول: يا ساتر استر.. وبينما كان يسير في الطريق كمن يسير على جسر من اللهب.. وإذا بسيارتين فارهتين بهما مجموعة من الشباب.. تتجاكران، وتتحادان في الشارع، وتحدثان ارتباكاً بين السيارات.. وعند إشارة المرور تبودلت الشتائم، وارتفعت الأصوات.. ثم بدأت التهديدات الجادة.. وما هي إلا لحظات حتى بدأت معركة فعلية حية.. فصرت لا ترى إلا العُقل، والأحذية ثم الحجارة.. وحمي الوطيس، وانسد الطريق، وأغلق.. وارتفعت درجة حرارة المكان حتى قاربت الستين.. وكانت هناك ارتال من السيارات خلف (أيوب) وارتال من أمامه، وقد اختلط هديرها مع أصوات المنبهات، والهمهمات، والضرب، والشتائم، وأصوات آلات الحفر والعمالة، وفوق الجميع غابة من الرافعات الحديدية تتحرك ببهلوانية، ولها أنياب أسطورية كأنياب الأغوال.. وغلت الدنيا حتى كأن الجميع في فرن ذري، أو داخل محرقة مليئة بالشياطين، والمردة..! وأضاء لون الحرارة الأحمر في سيارة (أيوب) فأطفأها خوفاً من الحريق.. ولكن جسمه ظل يحترق، ورأسه ظل يغلي، وضميره يتمزق... وهاج الناس ولم يتحملوا هذا الجحيم.. فهبطوا من سياراتهم، يصيحون، ويشتمون، ويحاولون فض النزاع، وإيقاف المعركة.. وهبط أيوب إلى الساحة، ودخل في غمرة الجموع، يحاول فك الاشتباك، ولم يسلم من لطم، ورفس، وعفس، ولم تتوقف المعركة إلا بعد أن شبع الطرفان من الجلد، والضرب، واللكم، وسيل الدماء... وحينما عاد (أيوب) إلى سيارته وجد أن حجراً قد هوى على الزجاجة فحطمها، وتحولت إلى ركام داخل المقعد.. فلم يدر ماذا يفعل، وقد أرعبته جموع السيارات من خلفه تريد الانطلاق.. فأخذ يكنس الزجاج على عجل، فتجرحت أصابعه مثلما تجرح قلبه.. وسار في سيارته مكشوفاً بلا زجاجة حيث يلفحه السموم، والهجير، والعذاب.. وبدأ رأسه يغلي كقدر مكتوم، وغامت الدنيا في عينيه، وأخذت سيارته تضطرب، وتتمايل، وتحتك بالأرصفة، وكاد يصطدم بأكثر من سيارة، وانصبت عليه الشتائم من كل جهة.. وكانت تنبعث من مذياع السيارة، أغنية تافهة، وسخيفة، فأغلق المذياع وكاد يبصق عليه! وصل إلى بيته في حالة بائسة ومزرية.. ولما تحسس جيوبه فإذا براتبه قد طار في غبار المعركة.. أخذ (أيوب) يخبط برأسه على الحائط في قسوة، وعنف، وفجيعة وهو يبكي وينوح..!!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
راتب أيوب ... قصة قصيرة .
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع ومنتدى الدكتور عبد الهادي الجريصي  :: المنتديات الأدبية :: الروايات والقصص القصيرة-
انتقل الى: