الألم .. إشارة تنبيه لمشاكل صحية خطيرة
لازم الألم الانسان منذ بدء الخليقة، وعانى الانسان من الآلام بكلا نوعيها، الحاد منها والمزمن.
وكان الاعتقاد قديما بأن الألم ما هو الا عرض لمرض دفين يدفع المرء لطلب العلاج، وما يلبث أن ينقضي الألم متى ما عولج المرض في أغلب الحالات.
ولكن في حالات أخرى يلازم الألم المريض لأيام بل لاسابيع وأشهر، واحيانا تمضي الأعوام عاما بعد عام والألم لا يمضي
فهل الألم عرض أم مرض؟
يعتبر الألم، أيّا كان نوعه، من أكثر الأسباب التي تجعل الإنسان يضطر لاستشارة الأطباء.
ففي الولايات المتّحدة، مثلا، يدفع الألم نصف الأميركيين للبحث عن الرعاية الطبية سنويا.
الألم إشارة رئيسية للعديد من الحالات المرضية، ويؤثر بشكل كبير في نوعية حياة الشخص وعلى انتاجه العام.
ويعتمد التشخيص على تمييز الألم بعدة طرق، منها المدّة، الشدة، النوع (مبهم أو حاد أو حرقان ..الخ)، المصدر، وأي عضو من الجسم يعاني من الألم.
وقد يكون جزءا من نظام الدفاع في الجسم، حيث يؤدي الى ردّ فعل منعكس للإنسحاب من المصدر المسبب للألم، ويساعد على تعديل السلوك لزيادة الحذر في تجنّب ذلك المصدر الضار في المستقبل.
وقد يتوقّف الألم، عادة، بدون معالجة أو كاستجابة لبعض الإجراءات البسيطة مثل أخذ راحة أو أخذ مسكّن، فنقول أنه "ألم حاد وعارض".
لكنّه قد يصبح عنيدا ويتطوّر من مجرد عرض ليصبح في حد ذاته مرضا فنطلق عليه اسم "الم مزمن".
دراسة الألم، في السنوات الأخيرة، فتحت شهية العديد من الحقول الطبية المختلفة مثل علم الصيدلة، علم الأعصاب، علم التمريض، طب الأسنان، العلاج الطبيعي، وعلم نفس، حتى أصبح طبّ الألم تخصصا دقيقا متفرعا من بعض التخصصات الطبية الرئيسية مثل علم التخدير، الطب النفسي والأعصاب.
هل الألم عرض أم مرض
أن ما شهده العالم من تطور في الطب خلال الخمسين عاما الفائتة اجابة على العديد من التساؤلات المماثلة، اذ اتضح أن الألم يأتي على عدة انواع وليس نوعا واحدا، وباختصار شديد هناك الألم الحاد والألم المزمن.
الألم الحاد، يأتي مصاحبا لأي حادث أو اصابة أو عملية جراحية، ومنها ما ينتج عن مرض عضوي كالألم الناتج عن الذبحة الصدرية والمتمثل فى ألم حاد في الصدر ينتشر الى الطرف العلوي الايسر، وغالبا ما تستجيب هذه الآلام لمهبطات الألم و تزول مع انتهاء مسبباتها.
أما النوع الآخر من الألم فهو الألم المزمن، حيث يصبح الألم هنا مرضا، لا عرضا، يلازم المريض كظله ويكون سببا لمعاناته وحزنه واكتئابه.
وهذا النوع من الألم يؤثر على المريض نفسه وعلى الآخرين فتنتقل المعاناة للأسرة وإلى مكان العمل والمجتمع أجمع.
أقرب مثال على الألم المزمن "آلام اسفل الظهر" التى يعاني العديد من الأفراد منها وتكون سببا في تعرقل مسيرة حياتهم اليومية.
فهذه الآلام تنتج من عدة اسباب، قد تكون علة في العمود الفقري أو في الغضاريف البينية أوالمفاصل الصغرى بين الفقرات أو الأربطة أو العضلات وغيرها، لكنها كلها تسبب ألما فى أسفل الظهر يحد من نشاط المرء وعطائه ويكون سببا في تأخره عن أقرانه.
وهناك مجموعة من المضاعفات المصاحبة لهذه الحالات من الألم، منها: قلة التركيز، محدودية الانتاج، كثرة الغياب وزيادة التذمر.
وفي بلد كالولايات المتحدة الاميركية، تتكلف الدولة ما يفوق الستة بلايين دولار سنويا بسبب الآم الظهر وحدها.
وهناك العديد من الأمثلة للآلام المزمنة، فألم اعتلال الاعصاب الناتج عن مضاعفات مرض السكر، نوع آخر يضايق مريض السكر وينغص عليه حياته حتى في أبسط صوره، عندما يزعج المريض من كثرة الحكة أو التنميل في الأطراف، فكيف اذا غدى ذلك الألم شعورا بلهب مستمر أو شعورا بجرح نازف وغيرذلك من الأعراض.
كذلك الآلام الناتجة عن الأورام السرطانية فمن المعروف أن 90% من مرضى الأورام يعانون من آلام حادة عند تدهور حالتهم وانتشار الورم في أجسامهم، وكذلك الألم الشبح أو ألم العصب الخامس في الوجه أو آلام الحزام الناري وغيرها كثير.
حلول علاج الألم
الناس يتباينون في درجة تفاعلهم وتفهمهم ومدى تحملهم للألم بأنواعه.
فالبعض يتقبل هذا الوضع وهو الشعور بالألم، بينما يخجل البعض الآخر من الشكوى منه، ويتهم آخرون غيرهم بالجنون وبالمرض النفسي لكثرة شكواهم من الألم عندما يصبح مستعصيا أو مجهول السبب ولا يُعرف له علاج.
والطب شهد تطوراً كبيرا في مجال تخفيف المعاناة عن المرضى، إذ حصلت تطورات كثيرة في مجالات العلم والطب، خاصة نتج عنها توفر العديد من العقاقير المخففة للألم والمهدئة للاعصاب، وتكون قليلة الأعراض الجانبية وعالية المفعول، وفي الوقت ذاته تهون على المريض معاناته وتنهيها في كثير من الحالات.
كذلك تم ايجاد طرق عدة للتخلص من الألم تمكن من الحيلولة دون انتشار الاشارة العصبية وتقلل من الالتهابات المصاحبة لأي ألم، كالتخدير الموضعي والحقن عن طريق ابر الظهر واستعمال الذبذبات عالية التردد أو محفزات الاعصاب أو المضخات المزروعة تحت الجلد لايصال مهبطات الألم على مدار الساعة.
وهكذا غدى من غير المقبول ترك المريض يعاني من ألمه دون اتخاد وسائل لتخفيف ذلك الألم أو القضاء عليه، ومن هنا كان ميلاد تخصص علاج الألم، وهوأحد هذه السبل للقضاء عليه.
_________________