"ريا" و"سكينة"
أشهر سفاحتين في بر مصر كله
"هذه الجريمة من أفظع الجرائم وهي أول جريمة من نوعها حتى إن الجمهور الذي حضرها كان يريد تمزيق المتهمين إربا قبل وصولهم إلى القضاء"
من مرافعة وكيل النيابة في قضية "ريا" و"سكينة"
احنا النهارده بنتكلم عن واحدة من أشهر جرائم القتل العنيفة اللي عرفتها مصر في العصر الحديث لأننا ببساطة بنتكلم عن "ريا" و"سكينة".... أشهر سفاحتين في بر مصر كله أما ليه هم أشهر سفاحتين فده لأنهم..... تحبوا تسمعوا الحكاية، يبقى نبتدي من الأول.
أول بلاغالزمان: منتصف يناير 1920
المكان: مقر بوليس الإسكندرية
الشخصيات: السيدة "زينب حسن" – السن 40 سنة
حكمدار بوليس الإسكندرية
الأحداث: تدخل الست "زينب" وهي بتصرخ وبتعيط: "بنتي بنتي هاتوا لي بنتي، مش إنتم البوليس وبتعرفوا كل حاجة... هاتوا لي بنتي"
الحكمدار: اهدي يا ستي.. خير فيه إيه؟
الست زينب: بنتي "نظلة" راحت من عشر أيام ومش عارفة هي فين.
الحكمدار: طيب يا ستي ما هي جايز عند حد من قرايبها ولا حاجة.
الست زينب: أبدا يا سعادة البيه حد يروح يزور حد ويسيب الغسيل منشور فوق السطح وبعدين زيارة إيه دي اللي بتنعقد في 10 أيام.
الحكمدار: يعني نفتح محضر؟
الست زينب: تفتح تقفل المهم تجيب لي بنتي.
الحكمدار: اسم وسن المفقودة ومواصفاتها؟
الست زينب: اسمها "نظلة أبو الليل"، عندها 25 سنة، عودها رفيع.. يعني لا قصيرة ولا طويلة وقمحي.
الحكمدار: آخر مرة شفتيها كانت لابسة إيه؟
الست زينب: لابسة عادي بس أهم حاجة هي لابسة شوية غوايش دهب، وخلخال فضة وخاتم حلق دهب.
الحكمدار: هل لديك أقوال أخرى؟
الست زينب: والنبي يا سعادة البيه خايفة يكون حد قتلها وسرق دهبها.
الحكمدار: إن شاء الله لما نلاقيها هنبلغك.
تاني بلاغالبلاغ التاني كان في 16 مارس وما يفرقش عن البلاغ الأول غير في حاجة واحدة إن دي كانت أول مرة كان يتذكر فيها اسم "ريا" و"سكينة" صراحة الحكاية إن لما أخو الضحية "محمود مرسي" اتسأل إمتى كانت آخر مرة شاف أخته قال إن أخته "زنوبة" خرجت علشان تشتري شوية لوازم للبيت واتقابلت مع "سكينة" وأختها "ريا" وراحت معاهم لبيتهم وما رجعتش تاني من ساعتها.
وتوالت البلاغات وبعد "نظلة" و"زنوبة" جات بلاغات من "أم إبراهيم" اللي بتبلغ عن اختفاء والدتها "زنوبة عليوة الفرارجية" وبلاغ من "حسن الشناوي الجنايني" باختفاء مراته "نبوية علي" وبلاغ من "محمد أحمد رمضان" عن اختفاء زوجته "فاطمة عبد ربه" وبلاغ تاني وتالت ورابع وعاشر.. البلاغات مابتتوقفش والخوف مسيطر على كل البيوت وحكاية "العصابات اللي بتخطف في الستات" على كل لسان.
المفاجأة الغريب أن اسم "سكينة" كان قاسما مشتركا في معظم البلاغات على إنها آخر واحدة شافوها الناس مع المخطوفين. وكل مرة "سكينة" تدخل فيها قسم البوليس لسؤالها في حادثة اختفاء إحدى السيدات، تخرج "سكينة" من القسم وقد نجحت ببراعة في إبعاد كل الشبهات عنها وتطلع زي الشعرة من العجين! ولما عجزت أجهزة الأمن أمام كل البلاغات دي كان لابد أن القدر يتدخل علشان ينقذ الناس من الفزع والرعب اللي عايشين فيه وتلعب الصدفة دورها في الكشف عن أكبر مذبحة للنساء في تاريخ الجريمة في مصر.
حيرة وشككانت البداية يوم 11 ديسمبر 1920 الصبح لما جت لليوزباشي "إبراهيم حمدي" إشارة تليفونية من عسكري الدورية في شارع "أبو الدرداء".
وبما أن الإشارة كانت رسمية فكانت بتتضمن الجمل السحرية دي "تم العثور علي جثة امرأة بالطريق العام وتم التأكد من كونها امرأة لوجود بقايا عظام وشعر رأس طويل بعظام الجمجمة".
البشع بقى إن جميع أعضاء الجسم كانت منفصلة عن بعضها وجانب الجثة طرحة -إيشارب- من شاش أسود وفردة شراب سوداء مقلمة بأبيض. وطبعا انتقل اليوزباشي فورا للشارع وبسؤال زبال المنطقة أكد أنه لقي الجثة تحت طشت غسيل قديم وطبعا احتار الضباط في القسم يا ترى ليها علاقة بالحوادث بتاعة الاختفاء ولا لأ.
أول الغيث قطرةبعد الحيرة اللي وقع فيها ضباط البوليس لعدم معرفتهم بصاحبة الجثة وإن كانت من الغائبات ولا لأ، بيتقدم راجل اسمه "أحمد مرسي عبده" ببلاغ للكونستابل الإنجليزي "جون فيليبس" النوبتجي بقسم اللبان –لأن الوقت ده كان أيام الاحتلال الإنجليزي- ويقول الرجل في بلاغه إنه أثناء قيامه بالحفر جوه أوضته علشان يدخل المياه والسباكة فوجئ بوجود عظام آدمية فكمل الحفر لغاية ما لقى بقية الجثة.
وبيتحمس ملازم شاب بقسم اللبان للبلاغ المثير ده فيروح بنفسه لبيت الراجل اللي كان ورا القسم مباشرة يدوب يفصل بينه وبين القسم 50 متر –ومن هنا جت النظرية الشهيرة في عالم الإجرام إنه أأمن مكان للاختباء وفعل المنكرات هي الأماكن القريبة من الشرطة. المهم الملازم شاف الجثة بعينيه الاتنين وبدأ التحقيق والبحث في القضية المثيرة.
تاني المفاجآتبعد التحقيق وخلافه أكدت التحريات أن البيت اللي لقى فيه الراجل الجثة الآدمية كان يستأجره راجل اسمه "محمد أحمد السمني" و"السمني" ده كان بيؤجر أوض البيت من الباطن لحسابه الخاص وكان مين بقى ضمن اللي أجروا البيت منه يا ترى؟؟؟؟؟؟..
"سكينة" ومعاها "صالح سليمان" و"محمد شكيرة" وإن "سكينة" بالذات هي اللي أجرت الأوضة اللي فيها الجثة.
سكينة
وأظهرت التحريات أن "سكينة" أجرت من الباطن الأوضة وسابتها مرغمة بعد ما طرد صاحب البيت "محمد أحمد السمني" المستأجر الأصلي بحكم قضائي، وبالتالي الحكم بيشمل كمان طرد المستأجرين منه من الباطن بالتبعية وعلى رأسهم "سكينة" وقال الشهود إن "سكينة" حاولت ترجع الأوضة بأي طريقة ولكن صاحب البيت ركب راسه وأعلن أن عودة "سكينة" للأوضة على جثته.
طب ليه؟ده لأن سلوك "سكينة" والنساء الخليعات اللي كانت بتجيبهم في الأوضة والرجالة البلطجية كان بيضايق كل الجيران.
لملمة الخيوطكان الملازم الشاب بيحط إيديه على الخيوط واحد ورا التاني.
أول خيط كانت الجثة اللي في الطريق العام والتانية اللي في الأوضة اللي بتبين إنها برضه لواحدة ست لوجود شعر طويل على عظام الجمجمة.
وبينما الضابط لا يصدق نفسه بعد أن اتجهت أصابع الاتهام ناحية "سكينة" من تاني كانت عدالة السماء بتحط إيدين أجهزة الأمن على أول الطريق فيتوالى ظهور الجثث المجهولة.
أدلة الاتهام بعد ما ظهرت الجثتان المجهولتان لاحظ أحد المخبرين السريين المنتشرين في كل أنحاء الإسكندرية بحثا عن أي أخبار بتخص العصابة اللي بتخطف الستات إن فيه ريحة بخور جامدة بتطلع من أوضة "ريا" بالدور الأرضي بمنزل "خديجة أم حسب" بشارع "علي بك" الكبير.
وأكد المخبر أن دخان البخور كان بينطلق من شباك الأوضة بشكل مريب وده اللي أثار شكوكه فقرر إنه يدخل الأوضة اللي كان عارف إن صاحبتها هي "ريا" أخت "سكينة" إلا أن المخبر بيؤكد في بلاغه أن "ريا" أصابها ارتباك شديد لما سألها المخبر عن سر إشعال هذة الكمية الهائلة من البخور في حجرتها وعندما أصر المخبر على أن يسمع إجابة من "ريا" أخبرته أنها كانت تترك الحجرة وبداخلها بعض الرجال الذين يزورونها وبصحبتهم عدد من النساء فإذا عادت "ريا" وجدتهم انصرفوا ورائحة الحجرة لا تطاق..
إجابة "ريا" خلت المخبر السري "أحمد البرقي" يشك واللي لازم نقوله إن المخبر البسيط ده لعب دور كبير فاق دور بعض اللواءات الذين تسابقوا فيما بعد للحصول على الشهرة بعد القبض على "ريا وسكينة"، بينما توارى اسم المخبر السري "أحمد البرقي" .
بعد ما الشك دخل قلب المخبر "أحمد البرقي" طار لليوزباشي "إبراهيم حمدي" نائب مأمور قسم اللبان علشان يبلغه عن شكوكه في "ريا" وغرفتها..
على الفور تنتقل قوة من ضباط الشرطة والمخبرين والصولات إلى الغرفة ليجدوا أنفسهم أمام مفاجأة جديدة..
لقد شاهد الضابط رئيس القوة سندرة من الخشب تستخدم للتخزين داخلها والنوم فوقها ويأمر الضابط بإخلاء الحجرة ونزع السندرة فيكتشف الضابط من جديد أن البلاط الموجود فوق أرضية الحجرة وتحت السندرة حديث التركيب بخلاف باقي بلاط الحجرة ويصدر أمره بنزع البلاط وكلما نزع المخبرون بلاطه تصاعدت رائحة العفونة بشكل لا يحتمله إنسان.
تحامل اليوزباشي "إبراهيم حمدي" حتى تم نزع أكبر كمية من البلاط فتطهر جثة امرأة وتصاب "ريا" بالهلع ويزداد ارتباكها، بينما يأمر الضابط باستكمال الحفر والتحفظ على الجثة حتى يحرر محضرا بالواقعة في القسم ويصطحب "ريا" معه إلى قسم اللبان.
لكنه لا يكاد يصل إلى بوابة القسم حتى يتم إخطاره بالعثور على الجثة الثانية، بل تعثر القوة الموجودة بحجرة "ريا" على دليل دامغ وحاسم هو ختم "حسب الله" المربوط في حبل دائري، يبدو أن "حسب الله" كان يعلقه في رقبته وسقط منه وهو يدفن إحدى الجثث..
لم تعد "ريا" قادرة على الإنكار خاصة بعد وصول بلاغ جديد إلى الضابط من رجاله بالعثور على جثة ثالثة.
يتبع